الكنيسة الأرثوذكسية تتميز بأنوارها . وتستخدم الشموع في صلواتها ، وعند قراءة الإنجيل ، وأمام أيقونات القديسين ، وعلي المذبح ، وأمامه في شرقيته ، وفي الهيكل عموماً وتبقي الكنيسة مضيئة باستمرار . ولها برج عال يسمي
المنارة .. والبروتستانتية لا تستخدم شيئا من هذا كله ، بكل ما حيوي من رموز .
لذلك سنتعرض في هذا المقال المختصر عن الأنوار في الكنيسة والحكمة فيها ، وما تحويه من معان روحية .
1)* الكنيسة نفسها لقبت في الكتاب المقدس بلقب منارة . وهذا واضح في سفر الرؤيا . إذ رأي يوحنا الإتجيلى الرب يسوع وسط منائر من ذهب . وكانت { المناير السبع هي السبع الكنائس ؤ{رؤ20:1}.
***
2)* الكنيسة نشبهها بالسماء ، علي اعتبار أنها بيت الله أو مكسنه كالسماء . وقد كان هذا هو تقريبا التعبير
الذي أطلق علي أول بيت لله ، إذ قال أبونا يعقوب أوب الآباء { ما أرهب هذا المكان . ما هذا إلا بيت الله ،
وهذا باب السماء }{تك17:28}.
وفي تشبيه الكنيسة بالسماء ، ينبغي أن تضئ فيها الأنوار كالكواكب في السماء .
***
3)* أو قد تمتد الأنوار في الكنيسة إلي ملائكة السماء ، أو الملائكة التي كانت تصعد وتنزل علي السلم الذي رآه أبونا يعقوب في بيت آيل { بيت الله }{تك12:28}. والملائكة يمكن أن يرمز إليهم النور ، إذ يسمون أيضا بملائكة النور {2كو14:11}.
***
4)* أو قد ترمز أنوار الكنيسة إلي القديسين ، الذين يقول لفم الرب { فليضئ نوركم هكذا قدام الناس }{مت16:5}. وشبههم في تلك المناسبة بالسراج الذي يوضع علي المنارة {مت15:5}. وذكر الإنجيل أيضا أن { الأبرار يضيئون كالشمس في ملكوت أبيهم ؤ{مت43:13}. والقديس يوحنا المعمدان – كمثال – قال عنه السيد المسيح لليهود
{ كان هو السراج الموقد المنير . وأنتم أردتم أن تبتهجوا بنوره ساعة }{يو35:5}.
ولما كانت الكنيسة مملوءة بالملائكة . وبالقديسين ، إذن ينبغي أن يكون مملوءة بالأنوار .
***
5)* بل ينبغي أن تكون الكنيسة مملوءة بالأنوار ، أولا وقبل كل شئ لحلول الله فيها ، والله نور {1يو5:1}. وقد قال السيد المسيح عن نفسه {أنا نور العالم }{يو12:8}.
***
6)* والكنيسة تضاء بالأنوار ، علي مثال خيمة الاجتماع والهيكل وكلاهما كانت مملؤتين بالأنوار . لا تنطفئ سرجهما أبدأ . وأمر الرب بإضاءة السرج بزيت الزيتون النقي ، ويشرف علي هذا الأمر هارون وبنوه كفريضة أبدية . وقال في ذلك { وأنت تأمر بين إسرائيل أن يقدموا إليك زيت زيتون نقي مرضوض نقياً للضوء لاصعاد السرج دائماً . في خيمة الاجتماع خارج الحجاب الذي أمام الشهادة ، يرتبها هارون وبنوه من المساء إلي الصباح أمام الرب ، فريضة دهرية في أجيالهم }{خر27: 20،21}.
هذا أمر إلهي ، أصدرها لله الذي قال { ليكن نور ، فكان نور }في اليوم الأول { ورأي الله النور أنه حسن }
{تك1: 3،4}.
***
7)* والسرج التي تضاء بالزيت ، لها معني روحي ، لأن الزيت يرمز للروح القدس . وكان يستخدم في المسحة فيحل روح الرب . كما مسح صموئيل داود فحل عليه روح الرب {1صم13:16}. وكما يذكر الإنجيل عن المسحة المقدسة {1يو2: 20،27}. وحتى الشموع التي نوقدها في الكنيسة هي أيضا من زيت . والسرج في الكنيسة كانت فتائل تضئ بالزيت لنفس الرمز .
***
* نلاحظ أن الله أمر بعمل منارة في بيته ، سواء خيمة الاجتماع أو الهيكل وكانت السرج ، والمنارة من الذهب النقي {خر31:25}{خر17:37}{2أي20:4}. وكل هذا يدل علي اهتمام الله بالأنوار في بيته .
***
9)* كانت السرج تضاء باستمرار حسب أمر الرب . وكان إطفاء السرج وعدم الاهتمام بإضاءتها يعتبر خيانة للرب تستحق العقوبة الشديدة . وفي هذا يقو الكتاب { لأن آباءنا خانوا وعملوا الشر في عيني الرب إلهنا ، وتركوه .. وأطفأوا السرج ، ولم يوقدوا بخوراً… فكان غضب الرب علي يهوذا وأورشليم ، وأسلمهم للقلق والدهش }{2أي29: 6،7}، كل هذا يرينا مدي اهتمام الرب بإضاءة الأنوار في بيته .
***
10)* ولإضاءة السرج معني روحي عميق خاص ، يرمز إلي الاستعداد الدائم والسهر المستمر والاحتفاظ بعمل الروح القدس في القلب . ويقول لنا الرب عن هذا الاستعداد { لتكن أحقاؤكم ممنطقة وسرجكم موقدة وانت تشبهون أناساً ينتظرون سيدهم متي يرجع العرس .. طوبى لأولئك العبيد الذين إذا جاء سيدهم يجدهم ساهرين }{لو12: 35- 37}.
وضرب الرب لنا مثلا بالعذارى اللائى كانت مصابيحهن موقدة ، بينما الجاهلات انطفأت مصابيحهن {مت25: 1-12}.
إن الزيت في المصابيح يرمز إلي عمل الروح القدس في القلب واستمراره موقداً يرمز إلي السهر الدائم في حفظ القلب مرتبطا بعمل الروح فيه .
***
11)* وما يقال عن الأفراد يقال عن الكنيسة كلها . ورؤية الناس للنور في الكنيسة يوحي إليهم بواجبهم في أحتفاظهم داخلهم ، وأن تكون مصابيحهم دائما موقدة . ويتذكرون أن الكنيسة من العذارى الحكيمات اللائى احتفظن بمصابيحهن مضيئة .
***
12)* أما اضاءة الشموع وقت الإنجيل ، فهذا بلا شك أفضل من قراءته بدون اضاءة . إن ذلك يذكرنا بقول المزمور{ سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي }{مز119}. وأيضا يقول المرتل { وصية الرب مضيئة تنير العينين عن بعد}{ 19}.
***
13)* والكنيسة الأولي منذ عصر الرسل كانت مهمته بهذه الأنوار وما تحمله من رموز { ويسجل لنا سفر أعمال الرسل عن العلية التي كان يعظ فيها بولس بعد كسر الخبز أنه { كانت مصابيح كثيرة في العلية التي كانوا مجتمعين فيها }{أع20:8}.
14)* والشموع التي تضعها أمام صور القديسين ،إنما تذكرنا بأنهم كانوا أنواراً في أجيالهم . وبأمنهم كانوا كالشموع ، يذبون لكي { يضئ نوركم هكذا قدام الناس }.