fadi-sam Admin
عدد المساهمات : 1122 نقاط : 3350 السٌّمعَة : 16 تاريخ التسجيل : 25/07/2009 العمر : 44
| | بعد 90 عاما من العمل، اكتمال قاموس للغة الأكدية المندثرة | |
انتهى العمل في إعداد قاموس بلغة قوم سكنوا بلاد ما بين النهرين، بعد 90 سنة من بدء العمل في تجميع مفرداته وسبر أغورها. ويحتوي القاموس على اللهجات الآشورية والبابلية، التي تعرف مجتمعة باللغة الأكدية، المندثرة منذ نحو ألفي سنة.
وتعبيرا عن بهجته بهذا العمل، يقول د. إرفينغ فنكل، رئيس قسم الشرق الأوسط في المتحف البريطاني، “هذه لحظة تاريخية وجريئة ومهمة.”
وفي السبعينيات، عندما كان فنكل لا يزال في مقتبل عمره، أمضى ثلاث سنوات من حياته في العمل في مشروع “قاموس شيكاغو الآشوري” التابع للمعهد الشرقي في جامعة شيكاغو.
وشارك في المشروع نحو 90 متخصصا وخبيرا في هذا الحقل، وأسفر دأبهم، في العمل على تدقيق المفردات وتدوينها، عن نحو مليوني بطاقة معلومات.
ويقع “قاموس شيكاغو الآشوري،” في 21 جزءا، ويعتبر موسوعيا في تغطيته للأحرف والمفردات والعبارات.
وقد خصصت أجزاءٌ عدة منه لبحث حرف واحد، ويأتي القاموس على ذكر المصادر التي اعتمدت في الوصول الى معانيه.
وقال البروفسور ماثيو ستولبر من المعهد الشرقي، الذي أسهم في مشروع القاموس، لبي بي سي “إن الشعور اشبه بمن يطل عبر نافذة على لحظة من تاريخ عمره الآف السنين.”
حياة ضاربة في القدم وقد وضع القاموس بعد دراسة نصوص من بلاد ما بين نهري دجلة والفرات، أي العراق الحالي، واجزاء من سورية وتركيا.
الصالة الآثشورية في المتحف البريطاني
وتمخضت الدراسة عن نصوص عمرها اكثر من 2500 سنة تحتوي على وثائق ذات طبيعة علمية أو طبية أوقانونية، وأدب ملحمي وتضرعات الى الآلهة، بل وحتى رسائل حب.
ويضيف ستولبر، “أصبح بمقدورنا قراءة كلمات الشعراء والفلاسفة والسحرة وعلماء الفلك، كما لو كانوا يتحدثون الينا أو يكتبون باللغة الإنجليزية.”
ويواصل ستولبر، “عندما بدأ التنقيب عن الآثار في العراق في العام 1850، عثر المنقبون على نقوش كثيرة، نقشت في الأرض أو على جدران القصور، ولكنهم لم يقدروا على فك رموزها لأنها كانت أندثرت منذ زمن بعيد.”
ولكن، استنادا الى محررة القاموس البروفيسور، مارثا روث، فإن المثير هو ليس الفروقات بين مفردات الحياة قديما وحديثا، بل التشابه بينهما.
فتقول، “بدلا من أن نواجه عالما غريبا عنا، ترانا نأنس بعالم مألوف جدا،” حيث اهتمام الناس بأمور يومية، فنرى الناس قديما، كما هم حديثا، يهتمون بقضايا العلاقات الشخصية والحب والعواطف والسلطة، وامور اخرى كالري وطرق استغلال الأراضي.
وتضيف روث، “إن كثيرا من التفاصيل التاريخية، التي اصبحت في متناولنا، تخبرنا أن النقلة النوعية للانسان حينئذ من كونه بشرا فقط الى كونه كائنا متحضرا حدثت في بلاد مابين النهرين.”
إذ يعتقد بأن بذور التقدم الهائل في مختلف مجالات الحياة زرعت أول مرة في تلك الأصقاع، كما يعتقد بأن بلاد ما بين النهرين – العراق حاليا – هي واحدة من ثلاثة أو أربعة بلدان في العالم حيث وجدت أول كتابة.
إن الأحرف المسمارية، التي كتبت بها كل من الآشورية والبابلية، والتي استخدمت أول مرة في اللغة السومرية هي، استنادا الى روث، أقدم مخطوطة في العالم، وكانت الملهم لنظيرتها الكتابة الهيروغليفية، التي تمتاز عنها بالشهرة الواسعة.
وطريقة استخدام الكتابة المسمارية تتمثل في نقش أحرفها ذات الزوايا على الواح طينية، قبل تركها لتجف إما بواسطة أشعة الشمس أو فخرها بالفرن او التنّور.
وبالرغم من اعتقاد الباحثين بأن الكتابة المسمارية منتج معمر، ولكن كتابتها كانت صعبة جدا، مما أفسح الطريق، اعتبارا من 600 قبل الميلاد، أمام اللغة الآرامية، التي يتحدث بها الآشوريون في المنطقة اليوم، كي تصبح أكثر استخداما وشهرة، لسبب بسيط – هو سهولة كتابتها.
جيل فتي وواعد وتقول بروفسور روث إن اكتمال القاموس “أفرز مشاعر مختلفة.”
وأبلغت روث بي بي سي، “بعد 32 سنة من العمل الدؤوب في مشروع إعداد القاموس، سأشعر وكأنني فقدت جزءا كبيرا من كياني العلمي، وإن لبرهة.”
أما الذين أسهموا في هذا العمل وأبرزوا القاموس للوجود، فكانوا أول من أكد على جوانب النقص فيه.
فقد أكد البروفسور ستولبر أنه سيتنحى جانبا، إذ يرى أن الطبعات المقبلة من القاموس، يجب أن يتولاها وينكب على إدخال التعديلات فيها وتحديثها “جيل جديد فتي وواعد.”
ويبلغ سعر القاموس نحو ألفي دولار، وتتوفر نسخة مجانية منه في موقع على الانترنيت. | |
|