يعرف البلوغ أنه مرحلة انتقالية من مرحلة الطفولة إلى مرحلة النضج، وفي هذه المرحلة تحدث عدة تغيرات، ومن اهمها حدوث الدورة الشهرية، تغيرات هرمونية، وأحيانا اضطرابات فيها، وتغيرات في المزاج، وما شابهها. كيف تمر صحة الفتاة في هذه المرحلة؟ وما هي خصائص هذه المرحلة العمرية للفتاة من الناحية التكوينية والوظيفية؟ وما هي الأحداث التي تمر بها اثناء فترة البلوغ وما بعدها؟ وما هي الاعراض المصاحبة للدورة الشهرية؟ وما الذي يحدث قبلها؟ وما هي اسباب ذلك؟ كيف نساعد الفتيات على تفادي هذه الأعراض أو التخفيف منها للفتيات؟
* مرحلة انتقالية
* توجهت “صحتك” بهذه الأسئلة الى الدكتورة نادية عبدالفتاح حمزة كابلي، استشارية في طب النساء والولادة ورئيسة قسم التدريب والتعليم بمستشفى الملك عبدالعزيز ومركز الاورام بجدة، فأوضحت أولا أن مرحلة البلوغ هي مرحلة انتقالية من مرحلة الطفولة إلى مرحلة النضج، وفي هذه المرحلة تحدث عدة تغيرات للفتيات من أهمها: - تغييرات عضوية (جسدية)، مثل زيادة نمو الجسم, نمو الثديين، ومن ثم ظهور الحيض.
- تغييرات فسيولوجية (في وظائف الأعضاء.( - تغييرات نفسية. - تغييرات اجتماعية (العلاقة بالآخرين أفراداً وجماعات(. ويتم البلوغ العضوي ببداية حدوث الدورة الشهرية.
* ما هي التغيرات التي تحدث في سلوكيات ومزاج الفتاة في هذا العمر؟ وما هي الأسباب وراء ذلك؟
- تعاني نسبة 45 – 90 % من الفتيات من آلام الدورة الشهرية.
- تشكو بعض الفتيات من احتقان شديد في الثديين وانتفاخ في البطن قبل نزول الدورة الشهرية بأيام ويستمر الاحتقان اثناء الدورة ويقل مع انتهاء نزول دم الدورة الشهرية، وهذا الاحتقان يسبب آلاما مزعجة.
- كما قد تعاني بعض الفتيات من اضطراب المزاج وربما زيادة العصبية وضعف عام وهذا متعارف عليه طبيا بمتلازمة اجهاد ما قبل الدورة الشهرية، ويختلف من فتاة لأخرى ومن امرأة لاخرى، وقد يصاحبه ضعف ملحوظ في الاداء الدراسي والعملي. ويلاحظ هنا زيادة في شكوى الامهات والمعلمات من تكرار الغياب.
* الدورة الشهرية
* الدورة الشهرية حدث هام في حياة كل فتاة: فمتى تبدأ الدورة؟ وكيف؟ وما هي الأعراض المصاحبة لها؟ وما هو دور الأسرة في تهيئة الفتاة لهذا الحدث؟
تبدا الدورة الشهرية بين السن 10-16 سنة. والدورة الشهرية في الحقيقة سيمفونية في غاية الروعة والدقة, حددت بمواقيت وهرمونات وتفاعلات عديدة لتكون النتيجة النهائية هذه” الهرمونات” التي تفرز من المخ وتؤثر على الغدة النخامية وبالتالي تتحكم في الهرمونات التي تؤثر على المبيضين مما ينتج عنه بويضة كل شهر، بالإضافة الى تأثيرها على الرحم الحاضن الذي يستعد لاستقبال البويضة ببناء طبقة من الغدد والشعيرات الدموية. تسقط الطبقة المبطنة للرحم اذا لم تلقح البويضة ويتخلص منها الرحم بما يسمى دماء الدورة الشهرية. اذن، فهي عبارة عن نزول كمية من الدم من المهبل نتيجة انفصال الغشاء المخاطى المبطن لجدار الرحم من الداخل لمدة تتراوح بين 3-5 ايام, بصورة دورية منتظمة كل 21-35 يوما (المتوسط كل 28 يوم). قد تقل هذه المدة أو تزيد حسب طبيعة كل أنثى, وتستمر الدورة الشهرية حتى ينشغل الرحم بالحمل والامومة او حتى بلوغ المرأة سن الخمسين.
وقد تصاحب الدورة الشهرية بعض الآلام قبل نزولها، وبعده، وفى كثير من الأحيان تكون هذه الآلام خفيفة، وبدون أسباب مرضية في 90% من السيدات. وفي حالات قليلة جدا تكون مؤشرا على حالات مرضية معينة.
* دور الأسرة
* اما عن دور الاسرة فهو في غاية الاهمية لما تحتاجه الفتاة من دعم نفسي وتفهم عميق لهذة المرحلة الحساسة. ففي البداية لابد أن نشرح للفتاة أنها كبرت، وبأنك يا ابنتي ستمرين بمرحلة انتقالية لتصبحي بعدها فتاة ناضجة. وعلى الام ان تجلس مع ابنتها جلسة هادئة، يفضل ان تكون منفردة وبخصوصية تامة، لتشرح لها ما هو البلوغ وتحاول تسهيل الموضوع و تبسيطه لها حتى لا تَرْهَبُهُ وتخافُه. كما ان عليها ان تشرح لابنتها بأن جميع الفتيات والنساء يمرون بهذه المرحلة وتأتيهم جميعا الدورة الشهرية. وكذلك عليها ان تتحدث معها عن التغيرات التي ستطرأ على جسمها من بروز صدرها إلى ظهور الشعر في المناطق المختلفة من جسمها.
وأنسب طريقة لاستقبال الدورة الشهرية أن تعتبر أيام الدورة أياماً عادية، لأنها ما هى إلا عملية فسيولوجية، وليست مرضاً، وهى لا تمنع الرياضة والاستحمام ولا تمنع الاستمتاع بأي انشطة تقوم بها الفتاة اوالمرأة في حياتها اليومية.
* اعراض واضطرابات
* ما هي أهم الاضطرابات التي قد تواجهها الفتاة في بداية حدوث الدورة؟
تقول د. نادية كابلي، ان بعض الفتيات يتحولن إلى شخصيات مختلفة مرة في كل شهر، حيث يزددن غضباً وتوتراً وتزداد حدة انفعالاتهن، بالاضافة الى اضطراب المزاج والاكتئاب والارق وآلام الظهر والصداع. وهذا ما يسميه الاختصاصيون بأعراض ما قبل الدورة الشهرية وتحدث بسبب تغييرات في كيمياء الجسم واحتباس السوائل فيه بالاضافة الى: - آلآم تحدث قبل واثناء الدورة الشهرية، التي تأتي في صورة تقلّصات أسفل البطن وأسفل الظهر، تكون مصحوبة أحيانا بالشعور بالغثيان والقيء وتغير في الشهية، ويحدث هذا الألم لساعات قليلة قبل بداية الدورة، وينتهي غالبا بنزول الدم.
- كما قد تلاحظ بعض النساء زيادة مؤقتة في الوزن، وتورّم في الساقين والوجه وجفون العينين.
- الرغبة الملحة في تناول الحلويات لا سيما الشوكولاته.
- تكون البشرة في هذه الفترة حساسة وأكثر عرضة لظهور البقع والطفح وهذه من المشاكل الشائعة والتي تؤرق الفتيات في هذه المرحلة من العمر.
إذن، كيف نساعد الفتيات على تفادي هذه الأعراض أو التخفيف منها؟ تقول د. كابلي، ليس هناك وسيلة لتحسين هذه الحالة إلا باتباع نظام غذائي معين يتضمن: - الإقلال من تناول الملح والدهون والسكريات، بتناول أغذية غنية بالألياف والنشويات مثل الفواكه والبقول.
- تناول الوجبات في مواعيدها، والتركيز على الوجبات الخفيفة كل ساعتين الى 3 ساعات.
- التقليل او التوقف عن تناول مادة الكافيين (الشاي والقهوة والمشروبات الغازية) قبل موعد الدورة الشهرية على الاقل.
- أخذ قسط من الراحة، هو من أهم العلاجات التي تساعد الفتاة على السيطرة على انفعالاتها. (ممارسة اليوغا والاسترخاء).
- المحافظة على النظافة الشخصية أثناء الدورة وذلك بالاغتسال يوميا طوال فترة الدورة بالماء الدافئ .
- ولتخفيف الالام: من الممكن ان ننصح الفتيات بوضع قطعة مبللة بماء دافئ علي البطن او استعمال الاكياس المملوءة بالماء الدافئ (القربة).
- القيام بعمل تدليك لعضلات البطن واسفل الظهر، او القيام ببعض التمارين الرياضية الخفيفة.
- استعمال بعض المسكنات عند بداية حدوث الآلام.
- شاي الاعشاب مثل أويسة او المرمية (المرامية أو القصعين)، او البقدونس، أوراق الفراولة ، السحلب ، أزهار البابونج، القرفة، او المشروبات الدافئة الاخرى مثل مغلي النعناع واليانسون والحلبة كأعشاب طبيعية لتخفيف الآلام.
وتؤكد هنا د. كابلي على تشجيع جميع النساء على ممارسة الرياضة وخاصة رياضة المشي والركض الخفيف في الهواء الطلق لما له من اثر كبير في تنشيط الدورة الدموية والتخلص من الوزن الزائد، بل وتنشيط مناعة الجسم ككل ضد الامراض وفوق كل ذلك تحسين المزاج والحالة النفسية للجميع وخاصة النساء من جميع الاعمار.
* علاج الاعراض
* ما هو العلاج الذي قد يصفه الطبيب للنساء والفتيات اللاتي يعانين من اعراض متلازمة ما قبل الدورة الشهرية؟
توضح د. نادية كابلي أن العلاج يختلف بحسب العرض المسيطر: - فإذا كان العرض المسيطر هو آلام، فتنفع في العلاج مضادات الالتهاب مثل مركبات الاسبرين والبروفين والبونستان وغيرها.
- وإذا كان العرض المسيطر هو الاكتئاب والبكاء، فالعلاج الأنسب هو مضادات الاكتئاب والقلق.
- في حال كانت الأعراض شديدة وغير مستجيبة للعلاج التقليدي وخاصة إذا ترافقت مع نزف غزيرة قد تنفع هنا الأدوية المانعة للحمل في تخفيف شدة الأعراض.
البلوغ المبكر
* ما هي اسباب البلوغ المبكر لدى الفتيات؟
إن “توقيت البلوغ” في النساء تحكمه مجموعة معقدة من العمليات البيولوجية، فيرتبط عادة وزن الجسم عند الإناث بالبلوغ المبكر لدى الفتيات اللائي يبدأن دورتهن الشهرية بمجرد أن يصل الوزن إلى نحو 38 كيلوغراماً, فالفتيات زائدات الوزن يكن أكثر عرضة لبداية بلوغ مبكر, بالاضافة الى العوامل الوراثية فمثلا قد ترث النساء في بعض العائلات قابلية وراثية مشتركة لزيادة الوزن والبلوغ المبكر.
ومعروف ان الفتيات في المناطق الحارة يبلغن اصغر من نظيراتهن في المناطق الباردة بمدة تصل الى سنتين. ويحذر العلماء من تزايد معدلات البدانة في الطفولة لأنها تؤدي إلى بلوغ الفتيات وهن في أعمار مبكرة. وبالعكس فإن جهود منع أو تقليل بدانة الطفولة ستساعد في تفادي البلوغ المبكر. واود هنا ان اكرر على الالتزام بالعادات الغذائية السليمة.
* تأخر المحيض
* ما هي أسباب تأخر نزول الحيض؟
هناك أسباب كثيرة ومتعددة نذكر منها هنا ما يلي: --أسباب تشريحية (أسباب خلقية): ويكون السبب في هذه الحالة وجود غشاء بكارة مصمت خال من الثقوب الطبيعية التي تسمح بمرور دم الحيض.
- أسباب هرمونية: ويحدث ذلك نتيجة إصابة إحدى الغدد الصماء (الغدة النخامية وغدة الهيبوثلامس- الغدة الدرقية - المبيضين) بأورام أو التهابات.
- أسباب مرضية مزمنة: مثل داء السكري - هبوط القلب - السل الرئوي - الفشل الكلوي المزمن. - أسباب غذائية: مثل سوء التغذية المزمن. - أسباب عصبية ونفسية: مثل الحرمان العاطفي (فقدان أحد الأبوين أو كليهما إما بالطلاق أو الوفاة) - فقدان الشهية العصبي (ويؤدي ذلك إلى إصابة الفتاة بنحافة شديدة) - ضمور بعض أجزاء الجهاز العصبي المركزي.
ويجب التأكيد على اتباع نظام غذائي صحي وتجنب الدهون والسكريات مع التركيز على تناول الفواكه والخضار الطازجة والالتزام بالتمارين البدنية للمساعدة على حفظ توازن الجسم صحيا وذهنيا.