إن الفم والمناطق المحيطة به هي أولى المناطق التي يبلغ فيها التناسق العصبي العضلي عند الطفل درجة لابأس بها من النضج, وإن أول نشاط يمكن أن يقوم به الطفل هو المص والبلع، وعندما تبزغ الأسنان يظهر منعكس العض والمضغ، وحالما يصبح الطفل قادراً على المسك فإنه يأخذ اي شيء ليضعه داخل فمه وعلى هذا يعتبر الفم والنسج المحيطة به وسيلة استكشا فية للطفل في الحياة المبكرة وبالتالي فإن عادة مص الإصبع بالنسبة لكثير من الأطفال ما هي إلا امتداد لمرحلة الاستكشاف الفموي أي التعرف على الأشياء بواسطة الفم ومن الجدير ذكره إن مقداراً معيناً من المص يكون ضرورياً للطفل فهو يحتاج إلى المص لكي يطور عضلاته حول الفموية وفي نفس الوقت يستمد منها الكفاية العاطفية.أما أسباب عادة مص الأصبع قد تكون طفل قلق
أو سريع الغضب أوفصل الطفل عن أمه خلال الشهور الستة الأولى رغم وجود تغذية كافية.كذلك يمكن أن يكون السبب ولادة طفل جديد وانتقال الاهتمام إليه أو عدم كفاية حليب الأم دون الاستعانة بحليب صناعي وشعور الطفل بالجوع, كذلك من مجمل دخول الطفل إلى المدرسة ومقابلة المجتمع الجديدوكذلك الرضاعة الاصطناعية واستخدام زجاجات رضاعة غير مهيئة بشكل جيد لممارسة عملية المص واحيانا قد يلجأ بعض الأطفال إلى مص أصابعهم للفت انتباه الوالدين أو لتحقيق رغبة ما.
إن عادة مص الإصبع تؤدي إلىبعض المشاكل في توضع الأسنان منها
1- بروز سنخي علوي وميلان القواطع العلوية نحو الشفوي,
2- تراجع سنخي سفلي وميلان القواطع السفلية نحو اللساني.
3- عضة مفتوحة أمامية وتشوه مقدمة الفك العلوي.
4- تضيق القوس السنية العلوية وعضة معكوسة خلفية.
بالنسبة لمعالجة عادة مص الإصبع:
يعتمد نجاح المعالجة بشكل أساسي على عاملين:
أولاً: تعاون الطفل وتفهمه لطريقة العلاج وذلك باستخدام الشروحات البسيطة له ومحاولة تبيان الأذى الناجم عن استمرار عملية المص وما ينجم تبعاً لذلك من أثر على شكل وجمال الأسنان والفكين ولا مانع هنا من أن يشاهد الطفل بعض الصور التي تبين حالات سوء إطباق ناجم عن عادة مص الأصبع مما يعزز ذلك من إدراك الطفل بضرورة تجنب هذه العادة وبالتالي الإقلاع عنها. والخطوة الوزيرية في المعالجة هي الكشف عن السبب لنشوء تلك العادة الفموية السيئة وتعزيز ثقة الطفل بنفسه وبأنه طفل محبوب ومميز، الأمر الذي يشعره بالأمان ويكون من الخطأ أن نستمر في تأنيب الطفل حول عادته لأن هذا لن يؤثر فقط بترسيخ العادة عند الطفل بل يجعله يرفض أي محاولة لإزالتها والتعاون للتخلص منها.
ثانياً: العامل الثاني الضروري لنجاح المعالجة هو تعاون الوالدين، حيث يجب على طبيب الأسنان أن يشرح للوالدين ماذا ينوي أن يفعله ويجب أن يحصل الطبيب على موافقة من الوالدين لكي لا يتذمر الطفل أو أهله أثناء المعالجة، ونشرح للوالدين أن العقاب يمكن أن يرسخ هذه العادة أكثر من أن يوقفها.كما يجب التذكير أن طريقة منع الطفل عن مص الإصبع بربط يده أو وضعها في القفاز أو وضعها في أطراف الكم والتي تجعل من وضع الأصبع في الفم وعملية المص أمراً غير مسر بل مؤذي، إن هذه الطرق يمكن أن تمنعه من استخدام يده في كل الأوقات عندما يحتاج ليطور قدرته في مسك أو لمس الأشياء ومثل هذا الطفل يمكن أن يصبح سلبياً بشكل شديد أو مكبوت أو يظهر رد فعل غير كافٍ اتجاه هذه المعالجة، كما يمكن أن يصبح عدواني بشكل شديد .
أما بالنسبة لدور طبيب الأسنان في معالجة سوء الإطباق الناتج عن مص الإصبع فيعتمد على معيارين وزيريين:1- إذا توقعنا أن سوء الإطباق سيصحح من تلقاء نفسه عندما تتوقف العادة الفموية فإننا نوصي باستعمال الطريقة النفسية وعدم استخدام الأجهزة وذلك أثناء المرحلة المبكرة من المعالجة.
2- إذا كان التصحيح التقويمي ضروري لتسوية سوء الإطباق فإن كثيراً من أجهزة المعالجة التقويمية تستعمل ايضاً كمنبه أو كدعم للمساعدة في وقف العادة الفموية.
وخلاصة القول:
إن عادة مص الأصابع تعتبر عند الأطفال خلال السنوات الأولى من العمر حالة طبيعية ويقوم الطفل بالإقلاع عنها بشكل ذاتي في عمر 4-5 سنوات لكن عند بعض الأطفال قد تستمر هذه العادة لفترة متأخرة وخلال مرحلة بزوغ الأسنان الدائمة مما يؤدي إلى أشكال مختلفة من سوء الإطباق وضرورة تدخل طبيب الأسنان للمعالجة.
ينصح الأهل باتباع الأمور التالية أثناء المعالجة مثل تعزيز العلاقة المفضلة عند الطفل للاتصال مع محيطه المباشرو تزويد ه بمواد لعب مناسبة لعمره وتطوره (لتحرير الطاقة الكامنة)وإيجاد فرصة مناسبة لجعل الطفل فعّالاً ومستكشفاً ولاعباً,و تخفيض التدخل في حياة الطفل إلى الضرورة فقط و على الوالدين أن يكونا صبورين ومتفهمين وعطوفين وقادرين على إدخال البهجة إلى قلب الطفل.
منقول عن الدكتور فؤاد ضاهر