يبدو أن أكثر المناسبات الكبرى جاءت عن طريق الصدفة،? ?لكن الصدفة لا تأتي? ?إلا لمن? ?يستحقها،? ?وصدفة عيد المرأة تمثل حادثة خلال حركة التاريخ في? ?تحقيق إنجازاته?. ?
حركة التاريخ التي? ?لا تتوقف في? ?البحث عن الحرية،? ?سواء في? ?الحقول أو في? ?المصانع أو الأسواق،? ?البحث عن الحرية هذه المرة حدث في? ?مصنع نسيج،? ?حيث أحرق بالكامل مع العاملات اللواتي? ?شكلن إضرابا وكتبن مطالب إلى رئيس المصنع،? ?ورفضها على الفور،? ?حيث كان عددهم? ?72عاملة?.
?لقد قامت هؤلاء النسوة بتشكيل إضراب هو الأول من نوعه في? ?تاريخ النساء وفي? ?مدينة نيويورك بالتحديد عام? ??,?1909? ?لقد أضرمت النيران في? ?أجساد هؤلاء النسوة من قبل مالك المصنع نتيجة إضراب قامت به العاملات هناك?. ?
وبعد سنة تقريبا من الجريمة التي? ?وقعت على هؤلاء النسوة العزل من حرق أجسادهم وتيتيم أطفالهم،? ?قررت الأمم المتحدة دعوة نساء الدول المشاركة لاجتماع عام،? ?حيث عقد في? ?كوبنهاجن بالدنمارك?. ?وأهم قرار اتخذ في? ?هذا الإجتماع هو اعتبار? ?يوم الثامن من شهر مارس? (?آذار?) ?من كل عام عيداً? ?لجميع نساء العالم?. ?
ومنذ ذلك اليوم والدول العربية الراقية تحتفل بهذا اليوم كـ?''?عيدا للمرأة?''?،? ?على المستوى الرسمي? ?والشعبي?. ?وتتذكر فيه الإنجازات العظيمة التي? ?تقوم بها المرأة من إدارة الأسرة إلى تربية الاولاد إضافة إلى الإنجازات الوطنية سواء في? ?الاقتصاد أو السياسة أو الإجتماع?.. ?الحقيقة أن ما أقر في? ?كوبنهاجن قليل في? ?حق المرأة،? ?لأنها عماد الأسرة والمجتمع?. ?ورغم جهودها الحقيقة والمتواصلة على أرض الواقع،? ?إلا أن العالم لا? ?يأبه بها?. ?ويعتبرها ضعيفة ويضاعف من استغلالها،? ?فهناك ألف ومائتي? ?مليون امرأة فقط حصلن على عمل مقابل ثلاثة آلاف مليون عامل،? ?أي? ?40?? ?من عدد العاملين الذكور?. ?هذا? ?يعني? ?أن? ?60?? ?من النساء عاطلات عن العمل?. ?مما? ?يجعلهن فقيرات تمتد أيديهن إلى العوز،? ?فإذا كان العدد الإجمالي? ?لسكان العالم? ?6? ?مليارات فإن? ?3? ?مليارات إمرأة على حافة الفقر?.. ?
وهذا? ?ينطبق تماما على وضع? ?المرأة في? ?الدول العربية والخليج الذي? ?يبدو أن موضوعها? ?يتراوح مكانه منذ أن تنبه قاسم أمين إلى موضوع المرأة وتحريرها الإجتماعي?.. ?لقد دعا قاسم أمين منذ مائة عام إلى أهمية هذا الموضوع ومخاطره الاجتماعية واصطف حوله تلامذته،? ?ثم جاء من بعده فلاسفة وكتاب كثر،? ?لكن نصيبهم كان مثل نصيب? ?غيرهم،? ?فقد خسروا معركة المرأة في? ?تحررها الاجتماعي? ?والسياسي? ?بسبب مصالح الذين? ?يقرون ويمارسون الزواج من أربع نساء?. ?ولا? ?يخجلون من إطلاق الصفات السيئة على المرأة التي? ?ولدتهم من بطنها،? ?كأن? ?يسمونها ضعيفة عاجزة وعورة?. ?
إن تقدم المرأة كموضوع أدبي? ?واجتماعي? ?يتراوح مكانه في? ?دولنا وهذا? ?يضاعف من تأخر الدول العربية سواء في? ?الاقتصاد أو في? ?الحصول على الحرية?. ?العادات والتقاليد هي? ?التي? ?تتحكم في? ?الوطن العربي،? ?وليس هناك بادرة أمل من الإعتراف بحقوق المرأة إلا في? ?جانب واحد وهي? ?أن تذهب إلى صناديق الاقتراع لكي? ?تصوت إلى الرجال،? ?خاصة رجال الدين وأتباعهم بحجة أنهم حماة الأمة،? ?والسبب في? ?ذلك هو الأمية التعلمية والأمية السياسية والأمية الثقافية?. ?والأمية بشكل عام تبدو متعمدة ومبرمجة من قبل السلطات الدينية والسياسية?. ?
ففي? ?الوقت الذي? ?بدأ تعليم المرأة في? ?لبنان عام? ?1826? ?على? ?يد امرأة مبشرة للدين المسيحي?! ?لم تصل بشائره إلى الخليج إلا بعد مائة عام?!?،? ?وفي? ?وجود الاستعمار البريطاني،? ?الذي? ?كان? ?يخطط إلى الحصول على عمالة رخيصة متحضرة وواعية،? ?والذي? ?يستحيل الحصول عليها بدون أن تتعلم المرأة?. ?لكن التعليم لوحده لم? ?يدفع المرأة تجاه الحرية،? ?إلا بعد أن قامت الحرب العالمية الأولى? ?1914?-?1916? ?حيث كانت الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية متردية جدا?. ?لقد دفعها عامل الحاجة إلى لقمة العيش،? ?لها ولأطفالها بأن تقف في? ?طوابير طويلة حتى تحصل على بطاقة التمويل?. ?هذا الوضع الطاريء خلق لديها نوعاً? ?من الوعي? ?بالوجود?. ?فاندفعت تفتش عن أي? ?عمل تقتات به،? ?تاركة التقاليد جانبا ومغلبة الجانب الحياتي?. ?
لقد كتب الفيلسوف الفرنسي? ?فرانسوا رينيه عن أن علامة تقدم أي? ?مجتمع كان? ?يتم من خلال النظر إلى تقدم المرأة فيه،? ?وعلى هذا المنوال كانت الأمور تسير في? ?العالم العربي? ?ببطء شديد،?
سليم البستاني? ?في? ?القرن الثامن عشر انتقد الوضع العربي? ?قائلا? ''?إن الشــــــعب الذي? ?يحـــــــاول ذكوره التقدم دون نسائه كالشـــخص الذي? ?يحـــاول السفـــر ماشيا برجل واحدة?''.