نشر موقع "داماس بوست" ما سماه مسودة قانون الإعلام الالكتروني المعنونة بـ"قانون التواصل مع العموم على الشبكة"، وقال أنه "يتألف القانون من تسعة أبواب و 45 مادة". وبينما لم ينقل الموقع نص المشروع كاملا، نشر ملخصا عما تضمنه. يؤكد هذا الملخص ما سبق أن قلناه مرارا من أن هذا المشروع لا يهدف إلى شيء سوى إلى القضاء على مواقع الانترنت السورية بذرائع مثيرة للشفقة مثل "الأمن الوطني والسيادة"!
ويقول الخبر أن على أصحاب المواقع "بذل كل جهد لمساعدة السلطة القضائية في إظهار الحقيقة"، وهي (إذا صحت) جملة ملغومة لا تعني سوى كشف كل أوراق المواقع الالكترونية، خاصة لجهة كشف هويات الأشخاص الذين يعلقون على المواد المنشورة في الانترنت، أو الذين ينشرون بأسماء مستعارة لأسباب تخصهم. وهذا يشكل تدميرا كليا وصريحا لفكرة التفاعلية التي تميز، أكثر ما تميز، المواقع الالكترونية عن باقي أشكال الإعلام الأخرى.
كذلك قال داماس بوست أنه يجب ان لا يجمع صاحب الموقع بين عمله ووظيفة عامة في الدولة، ويجب أن يكون وزير التحرير حاصلا على شهادة جامعية أو منتسب لاتحاد الصحفيين وله خبرة 5 سنوات في العمل الصحفي.
كما قال أنه يجري تغريم الموقع الذي لا يقوم بحذف "محتوى غير مشروع" أو يعدله بغرامة تصل حتى مليون ليرة سورية!
وأيضا أعطى وزير الإعلام سلطة حجب أي موقع الكتروني بقرار منه!
إن هذه الملامح من المشروع تؤكد أن هذا القانون، ومنذ لحظته الأولى، لم يطبخ أبدا في عقول إعلامية ولا عقول حريصة على الإعلام أو على سورية، بل في عقول مريضة بالوسوساس القهري للحرية، ولا هدف لها ولا غاية سوى تطويع الإعلام الالكتروني ليعود خادما مطيعا عند أقدام الحكومة السورية التي برهنت خلال السنوات الماضية أن شيئا لا يثير رعبها وخوفها قدر ما يثيره الإعلام الحر الحريص فعلا على وطنه من خلال نشر الحقائق والدفاع عن منطق العدالة والشراكة ومناهضة العنف والتمييز وكشف ما تفعله الحكومة وغيرها في المجتمع السوري.
ولذلك، يعيد مرصد نساء سورية إعلانه الصريح والواضح أنه يرفض كليا هذا المشروع وأي مشروع آخر مشابه، وأنه لن يلتزم به مهما كانت نتائج عدم التزامه ذلك: حجبا أو سجنا أو غرامات... بل إنه سوف يعمل، بمجرد توفر النسخة الكاملة من المشروع، إلى فضحه ليس محليا فحسب، بل إقليميا وعربيا، لكشف أن هذا ليس بقانون، بل مجرد قرارات تخرق كل مبادئ الدستور السوري أولا، وكل مبادئ الحرية والمشاركة حتى بأبسط معانيها. وسيعمل كل ما في وسعه لإسقاطه ولكشف أهدافه الحقيقية، وحقيقة من صاغه وشارك في صياغته والموافقة عليه.
إن الإعلام الالكتروني، وخاصة مرصد نساء سورية، هو صوت مناهض للعنف ضد المرأة والطفل والمعوقين والفئات المهمشة في سورية. وهو لن يكشف أية معلومات تتعلق بمجال عمله لا للسلطة القضائية، ولا للسلطات الأمنية، ولا لأية جهة أخرى تحت أي ظرف كان. كما أنه لن يقوم بأي حذف لأي محتوى فيه أعجب ذلك أصحاب هذه المشاريع القراقوشية أم لم يعجبهم. كما أن "صاحبه" ليس عضوا في اتحاد الصحفيين ولا فيه غيره، ولن يكون. فاتحاد الصحفيين، بغض النظر عن أية ملاحظات عليه، هو مجرد اتحاد لا سلطة له إطلاقا على من لا يرغب بأن يكون فيه. وتحويله إلى مكتب حكومي آخر عبر اعتباره "مرجعية" هو شأن يخص الاتحاد نفسه وقبوله أن يتحول إلى ممسحة لدى الحكومة، وليس شأنا يخصنا. وليس هناك أي اعتبار فيه ليكون "القائمون/ات" عليه أعضاء في هذا "الاتحاد" أو لديهم/ن أي نوع من "الشهادات"، أو لديهم أي هم يتعلق بالمفهوم المبتسر والمشوه لـ"المصالح العليا للبلاد" الذي بُرهن جيدا على ما الذي تقصده الحكومة السورية به عبر سنوات طويله من تدمير منظمات المجتمع المدني السوري بكافة أنواعها.
فليسقط مشروع بناء هذا السجن الكبير، ولتتوقف الحكومة السورية عن خراقتها في مواجهة الإعلام السوري، خاصة الالكتروني منه. فهو كان وسيبقى الأحرص على مستقبل سورية بكل ما تحمله هذه الكلمات من معنى، ولكن ليس على مقاسات عقول الحكومة السورية التي لا ترى سورية حاضرا ولا مستقبلا إلا على مقاساتها الخاصة.
*- الادعاء المستمر بأن الحكومة قد "استشارت" مدراء مواقع الكترونية في وضع المشروع هو مجرد كذبة صريحة ومثيرة للشفقة. فلا أحد في المواقع الالكترونية السورية يمتلك أية سلطة تمتد إلى أبعد من مكتب موقعه الخاص. وهم، على كل حال، مدراء مواقع "معروفة جيدا". كما أن أي مدير موقع يقبل بمعطيات مثل هذه لا يكون سوى شريكا آخر في محو الإعلام الالكتروني السوري عن خارطة الانترنت في سورية.
**- من جديد: إذا كانت الحكومة السورية صادقة في كلمة واحدة مما تقوله عن "المصلحة الوطنية"، أو "استشارة أصحاب مواقع الكترونية".. فلتتجرأ على طرح مسودة هذا المشروع كاملة وعلنا في الصحف الرسمية قبل أن تتحول إلى سيف آخر ينزل حبرا!! لكنها لا تجرؤ لأنها تعرف ما الذي تخطط لكي تقترف!!
منقول عن موقع مرصد نساء سورية