النواحي الإيجابية للسفسطائية:
كان السوفسطائيون ممثلي عصرهم بما فيه من تغير وصراع: القديم بقيمه وتقاليده، والجديد بآماله وأفكاره فكانوا أساتذو الجيل، غرسوا الشك بدلاً عن العقائدية الدجماطيقية ( أي النزعة التأكيدية أو القطعية بزعم الفيلسوف أو مذهبه هو الحق وأن سائر المذاهب خطأ) وكانوا معبرين عن روح حضارتهم في عصرهم تماماً كفلاسفة عصر التنوير في القرن الثامن عشر، فحل التسامح في قبول الرأي ونقيضه عن الحقيقة الموضوعية المطلقة.
مثال عن أحد فلاسفتهم:
يقول جورجياس صاحب القضايا المتعارضة : ما من دليل إلا وينهض مقابله دليل، وجعل هذا القول براعة السفسطائي تقاس بمقدرته على تدعيم أوهى الدعاوي.
سبب سوء سمعتهم:
يعد أفلاطون وأرسطو مسؤولين عن الفكرة السيئة التي شاعت عنهم، أنهم بائعو سلع عقلية لأنهم يتلقون أجراً على دروسهم، أو أنهم أدعياء الحكمة أو منتحلوها.
وإن كانت الفلسفة الحقة تدين الشك الهدمي ذلك أن الحكمة الأصلية لا تهدف إلا إلى تحري الحقيقة ذاتها، فإن الحياة العملية تقتضي أسلوب السوفسطائيين ولا يُعنى بذلك أن يسعى المتقاضي إلى كسب دعواه حقاً كان أم باطلاً أو إلى إثارة الشك في القيم، حقيقة كان مما يؤخذ عليهم أن ألبسوا الباطل ثوب الحق كما كانوا يطفئون الجد في الجدل بالهزل ويضيعون متعة الهزل باصطناع الجد، ومع ذلك كله فإن علماً كالتأريخ قد أفاد من منهج السوفسطائيين.
الآثار الإيجابية للسوفسطائية:
1- أول من نبه إلى قيمة التربية وأهميتها في إرشاد النشئ، لقد كان الاثينيون يعتقدون أن الأخلاق ميل طبيعي ولكن بروتاغوراس أكد امكان ترويض النفس البشرية ونزع نزعات الشر كما يمكن للطبيب علاج أمراض الجسم وإن العقاب يقصد به الردع لا الإنتقام.
2- لفتوا النظر إلى أهمية اللغة في الجدل وضرورة تحري دقة الألفاظ.
3- حددوا بعض موضوعات علوم السياسة والاجتماع والتاريخ، هل الدولة أو المجتمع نظام طبيعي تلقائي أم وضعي تحكمي؟
4- كانت الحافز وراء ظهور أكبر المدارس الفلسفية في بلاد اليونان، فإن كثيراً من نظرياتهم لا سيما في الأخلاق والسياسة إنما جاءت ردوداً على آراء السوفسطائيين.