بهمة ملفته للنظر أقامت أخوية السيدة الخيرية لرعاية الفقراء في السقيلبية رحلة إلى مصر، وكان الإقبال كبير جداً حيث بلغ عدد المشتركين بالرحلة ثلاثة وثمانين بين رجال ونساء من أعمار متفاوتة، ورغم اختلاف الأعمار كانت الميزة لهذه الرحلة هي تلك الروح التي تحلى بها المشتركين وكأننا عائلة واحدة.
انطلقنا من ارض الوطن إلى الأردن مروراً بالعقبة حيث ركبنا البحر الأحمر إلى مصر وكانت النوبيع أولى محطاتنا. في اليوم التالي انطلقنا بهمة كبيرة نقصد ديراً له عراقة في التاريخ تاريخ الرهبنة والنسك والصلاة، تاريخ المخطوطات والإرث الثقافي أنه دير القديسة كاترين في صحراء سيناء، وبأعجوبة استطعنا أن ندخل الدير لنسجد هناك للبقايا المقدسة ( جمجمة القديسة ويدها التي لم تبلى) حيث وزع علينا خواتم ( أعطاها كاهن الدير). ثم زرنا معرض المخطوطات والكتب والأواني المقدسة، لقد كانت محطة تاستهوي تلك النفوس التواقة إلى الإنعتاق من الخطيئة، ومساحة لمن يبحث في العلوم التاريخ والعلوم الإنسانية.
انطلقنا بعد ذلك إلى القاهرة، كان الطريق طويل لكن الروح الموجودة كانت تضفي على الأجواء شيئاً من المرح وشيئاً من التأمل وشيئاً من الاستغراب. واستقرينا في الفندق وكان صباح اليوم التالي هو الأحد، كان علينا أن نصلي فقصدنا الكنيسة الأرثوذكسية في القاهرة وهناك التقينا بابن السقيلبية السيد عامر رستم وزوجته وأولاده لقاء شعرنا معه أن الغربة قد كسرت وأننا هناك بلقائنا به تنفسنا السقيلبية في القاهرة، وكانت دعوة كريمة منه للطعام حيث تبادلنا الأحاديث وأخذنا صور تذكارية، وبقي على تواصل معنا للاطمئنان على وضعنا وراحتنا.
انتقلنا إلى الأهرامات وأبو الهول وعولنا على السوق العطارين. وفي المساء كان لنا جولة في نهر النيل على متن مركب تخلله عشاء وحفل فني وأجواء جميلة تعطي سحر تلك العاصمة العربية وتذكرك بأم كلثوم وعبد الحليم وعبد الوهاب.
في اليوم التالي زرنا الكنائس المعلقة ومغارة السيدة العذراء في مصر وانتقلنا بعدها إلى قلعة صلاح الدين وقصر محمد إبراهيم باشا وفي المساء قصدنا الجامع الأزهر وخان الخليل والحسين حيث شممنا عبق رائحة القهوة والبخور وكانت سهرة على أنغام العود والغيتار. وتجوال في أسواق خان الخليل.
وقصدنا المتحف الوطني في القاهرة وكم كانت دهشتنا كبيرة لما رأينا تاريخ الفراعنة وغناه واهتمامه بالتحنيط ومراسيم الجنازة وأدواتها. وكان للبعض ان زاروا القرية الفرعونية ، والبعض الآخر قصدوا شجرة العذراء التي لم تزل قائمة حتى اليوم وكنائس أخرى. شدينا الرحيل إلى الإسماعيلية فرأينا هناك قناة السوس و جمال تلك المدينة . تركنا مصر وتوجهنا إلى الأردن حيث كانت تقام صلاة تقديس الماء مع حشد كبير من الناس من سورية والأردن ثم توجهنا إلى أرض الوطن بعد غياب دام لثمانية أيام حملنا معنا ذكريات تلك الأيام الجميلة وتلك الروح التي حضنتنا جميعاً هناك.